كتابة : هاشم
هاشم شاعرٌ ومؤدّي كويري يعيش في بيروت، وينشط في دوائر التنظيم الكويري والنسوي في لبنان والمنطقة منذ عام 2009. يحمل هاشم شهادة البكالوريوس في علوم التواصل والإعلام، وشهادة الماجستير في دراسات الجندر والجنسانية من جامعة لندن. قدّم أعماله الشعرية في أماكن مختلفةٍ في لبنان، بلفاست، مكسيكو سيتي وكاتماندو. عام 2018، كتب وأدّى عرض “المسافة الأخيرة” برفقة الفنان والراقص ألكسندر بوليكيفتش، وهو عرضٌ يتناول مسائل التجسيد الكويري واللغة. حاليًا، يقدّم هاشم فقرة شِعرية أسبوعية بعنوان “بُيُوت” عبر أثير “راديو حمّام”. يصدر ديوانه الأول بعنوان “حقدٌ طبقي” في أيلول/ سبتمبر 2020.
المدونة: https://hashembeirut.wordpress.com
إنستغرام: @hashem.beirut
رفيقتي، حبيبتي
نمارِسُ الحُبَّ
ونمارِسُ الغضبْ،
ولسْتُ أعرفْ
أيهُما أجمَلْ؟
تَصرُخين فيَّ حبًّا
وتصرُخين فيهِم غضبًا،
ولسْتُ أعرفْ
في أيّ اللّحظتَينِ
تَبدين أجمَلْ؟
***
رفيقتي، حبيبتي
يومَ ضرَبونا بالهراواتْ
ورَشقونا بالعُبواتْ
وأسالُوا دمْعَنا،
لم يكُن معنا
سِوى قهْرنا
وفقرنا،
لكنّنا ضَحِكنا معًا
ولمْ تُفلِتي يَدي
في وجهِ الرصاصاتِ الفاسِدَة،
وكفاني أنْ أعرفَ يومَها
أننا واحِدَة.
***
رفيقتي، حبيبتي
تسْقط مصارِفُهم
تسْقط ضرائبُهم
تسْقط بنادقُهم
عندَ قدمَيكِ،
كما يسْقطُ القلْبُ
أمامَ غمّازتيكِ.
***
رَفيقتي، قصيدَتي،
أريدُ بلَدي حُرًا
أريدُ جسَدي حُرًا،
فأمْسِكي بإحساسي
أمْسِكي بأنفاسي،
ولنَصنعَ مَدينةً لَنا
تُشبهُ كل الفُصولْ،
تُشبهُ حُبًا
لا يَستأذِنُ قبل الحُصولْ.
***
رفيقتي، حبيبتي
يُريدُون أنْ يَجرَحونا
أنْ يَذبحُونا،
فكوني دَمي
كوني لَحمي
كوني اسْمي،
ولنلتئِمْ معًا
جُرحًا طريًّا
جُرحًا قويًا،
لا يَفتحُ إلّا
للحُبْ.
***
رفيقتي، مَدينتي،
مَجنونةٌ، مَلعونةٌ
مَطحونةٌ بالقُمامة والعَفنْ،
مَعجونةٌ
بالصُراخِ وبالشجَنْ،
تُطبقُ على رَأسي
كالمِقصلة
كالمِقبرة،
ثم تَهُبّ
هَادِرةً
كالحَنجَرة،
سَاحِرةً
كالجَوهَرة.
***
حبيبتي، حبيبتي
الشذوذُ هُو
أنْ نقبلَ الوَاقعْ
أنْ نهجُرَ الشارِعْ
أنْ نُنكِرَ الحَقيقة،
أنْ أسمّيكِ – بعدَ كل ما صارَ –
صَديقة.
الشذوذُ هو
راياتُ شكرٍ لِمَن يَذبحُوننا،
آياتُ حُبٍ لِمَن يَسحقوننا.
الشذوذُ يا حبيبتي،
رائحةُ بحْرٍ
لمْ نعُدْ نَراه،
رائحةُ قصرٍ
يُكمّمُ الأفوَاه،
رائحةُ فَقرٍ
في مَوانئ الصّيادينْ
وبُيوتِ المُياوماتِ
وخيامِ اللاجئينْ،
رائحةُ مكرٍ
في أختامِ المَصارِف
في أنصَافِ المَواقِف،
رائحةُ قهرٍ
في عَينَي امرأةٍ
مَسْحوقةٍ، مَحْروقةٍ
قبلَ أنْ تقعَ الجَريمة،
رائحةُ عمْرٍ
يَتهدّمُ أمامنا
كبُيوتِ بَيروتَ القديمة.
***
رفيقتي، تَعويذَتي،
هلّا تشفينَ
شِعْري الذي يَهزمُني
وشعبي الذي يؤلمُني؟
هلّا تكونين لي
شمسًا، وهمسًا،
وكأسًا، ورقصًا،
يُطفئ كل القنابل؟
كوني لي فأسًا،
يَهدِمُ كل الهياكل.
كوني ذاكرَتي
كوني ساحرَتي،
أحرِقي كل السلاسِل.
كوني لي أرضًا،
أغْرسُ فيها نفسي
وأمطِرْ،
فتُنبتُ عِنبًا وتينًا ووَردًا.
كوني لي شارعًا
أهتفُ فيه
أثورُ فيه،
فأنتصِر
أو أنكسِر.
كوني لي لِسانًا
متمرّدًا، متشرّدًا،
يقولُ كلَّ شيءٍ
ولا يَعتذر.
كوني لي بيتًا وزيتًا
وخبزًا كفاف يَوْمي،
كوني لي دَمعة ماءٍ،
تُكافئ صَوْمي،
هلّا تكونين؟
أكونُ لكِ
كل ما تُريدين.
***
حبيبتي، حبيبتي،
لوْ كان هناك طَريقان إليكِ
لاخْترتُ الطريقَ الأطوَل،
أليسَ بالصبْرِ
تغدُو الأشياءُ أجمَل؟
***
رفيقتي، حبيبتي،
فلنقِفَ على حافة العالم،
ولنحتفلْ، نحتفلْ، نحتفلْ
بحُبٍ
سَيحدُثُ حتمًا،
بعالمٍ حلوٍ
سَيأتي يومًا.
حبيبتي، حبيبتي،
فلتقِفي على كتِفي،
ولتُطعِمي منْ سُكّر يَديكِ
كلَّ جياعِ العَالم.