كتابة: نور
مش سهل إني أكتب، ساعات بكتب وبخاف أقرأ اللي كتبته، كأنه هيفضحني بطريقة ما؛ مشاعر بحاول أنكرها، قصص بحاول أنساها، تصرف بخجل منه. بكتب عنها في لحظة اِعتراف أو غضب وبقفل عليها وأنساها. دي المسافة بيني وبيني. مش بشاركها، ولا حتى بشكل مجهل، إمتى بنسيب المسافة دي من التحفز والقلق مع التانيين تقّل؟ معرفش! أنا طول الوقت شايفة المسافة اللي بيني وبين أقرب حد، بعرف نفسي منها، مش عايزة أغرق في الشخص اللي شايفنه (هم) أنا.
الأسهل إني أكتب قصة، خيال، أكتب عن صاحبي اللي مش عارف يبقى راجل كفاية عشان أصحابه يقبلوه، في اللحظة دي مابقاش صاحبي، بقى قصة زي ما أنا شايفاها. إني أكتب حاجة عني في وسط كلام كتير عام فمحدش يلاحظ إني كنت في الأساس بكتب دا عني، ويحطني تحت المنظار، بحس إن كل تصرف هعمله بعد كدا هيكون تحت المراقبة (مش حرفيًا). يمكن “سوء التواصل” حتمي، كلنا بنبص من عدستنا ومش هنعرف نشوف من حتة غيرها (“مش دا اللي أقصده” أتصور دي أكتر جملة إتقالت في أي حوار؟). يمكن عشان أنا أنثى، ضروري أي حاجة بعملها لازم يكون وراها دافع نفسي-أنثوي معقد محتاج شرح طويل ونظرية جيوسياسية؟ الأسهل أكتب عن هواياتي كشعار سياسي، كلمة، من غير ما أتكلم في يعني إيه أصلاً الهوية دي بالنسبة لي. التفاصيل بتفرّق.
من قريب شاركت الكتابات دي مع واحدة مش صديقتي، ماكنتش أعرفها بشكل كفاية عشان أحس بالأمان وأنا بخليها تقرأها. حبيت الإحساس، إني سبت المسافة اللي بينا تقل، إني مش “محصنة” كفاية، وخفت منه. اتفاجئت من رد فعلها المُشجع وحماسها إنها تقرأ أكتر، من غير ما تحكم، ومن غير ما تسأل حتى –بدافع الفضول- الأسئلة السخيفة اللي كنت متوقعاها. بالمقابل شاركتني تفاصيل عن حياتها، وكتاباتها اللي ما شاركتهاش مع حد (خفت أكون الشخص المزعج اللي بيسأل أسئلة سخيفة بدافع الفضول)، عايزة أعرف ليه عملت كدا\كملت\قبلت، بس دا اللي سمحتلي أشوفه دلوقتي! ليه عايزة أعرف أكتر؟ عشان أكمل قصتها الناقصة؟ ما دا اللي بيضايقني!
– “أنا مش هعرف أكلمك تاني، ولا أشوفك، أنا آسفة”، قالتلي
“أنا متفهمة لو دا اللي أنتِ عايزاه”
حكينا أسرار كتير، عيطنا، حضنتها ومشيت
كتبَت عني، كتبتُ عنها
كتبتُ عني، وكتبَت عن نفسها
“هنتواصل كدا يعني؟” ضحكت وأنا بقرأ. ونشرت اللي كتبته، واللي يقرأ يقرأ