نبذة عن الكاتبة:
مواليد الجيزة، سبتمبر 1988، ومتسجلة مواليد الإسماعيلية شهر أكتوبر، بمثل وبكتب وبعمل الدكتوراة عن الكاتب المصري وجيه غالي وبترجم أحيانًا. بشتغل في المسرح من 2007، كبرت وجربت أعمل عرض بتاعتي من سنتين وساعات بعمل ورش كتابة. بالنهار بشتغل في قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب، جامعة القاهرة، ومتخرجة من هناك سنة 2009 ونفسي أتعلم الخياطة عشان أنهي رحلة البحث عن ترزي.
اهتز القطار هزة عنيفة فجائية جعلت أمي تتشبث بمسند المقعد الأزرق الكبير الذي جلست عليه في طريقنا إلى المعمورة، لقضاء إجازة من إجازات الصيف في المكان التي قضت هي فيه العديد من سنوات طفولتها. اهتز القطار مرة أخرى وشعرنا أننا على وشك الخروج عن القضبان، الخروج عن الطريق الذي يحمينا ويؤمّن حياتنا. زادت حركة القطار وزادت معه الأصوات المخيفة التي جعلت الجميع يشعرون أننا على وشك الموت في هذه المقاعد القذرة حتى زادت حركته العجيبة في لحظة واحدة عنيفة ومرعبة، أمسك الجميع فيها بأنفاسهم وبطونهم والتزموا الصمت لتمر اللحظة كأننا كنا في قطار آخر، فتنفست أمي بصوت عالٍ وقالت لثلاثتنا بكل جدية “الحمد لله إننا بنعرف نعوم”. أخذنا ثانية أو اثنتين لفهم المزحة ثم ضحكنا مع ماما بصوت عالي.
سنواتٌ تمر وأجلس بجانب أمي في سيارتها، أشاركها رحلات كثيرة في مركبات كثيرة، قطارات من القاهرة إلى بحري – الأسكندرية ودمنهور حيث منزل عائلة جدي، “فلة” سيارة أمي ال127، البولمان للإسماعيلية، السوبر جيت، أتوبيس الجامعة الأمريكية من الجيزة للتجمّع الخامس، وطائرات في وقت مضى لا أذكره جيدًا من وإلى الرياض حيث عملت هي في إحدى جامعات تلك المدينة التي أذكر قبحها بوضوح والتي لم تتمكن فيها من القيادة.
هذا السؤال الذي سألته كثيرًا، دائمًا وهي ممسكة بعجلة القيادة، فتقول ماما: “جدًا، بحب السواقة أوي أوي”، مرات دون أن تشرح سبب هذا الحب ومرات أخرى وهي تشرح لماذا يروق لها هذه النشاط الذي أراه عجيبًا. تحب أمي القيادة وعادة ما تقود سيارتها بمزاج، وأحيانًا أخاف من أن يكون رفضي لممارستها ما هو إلا شيءٌ آخر يجعلني مختلفة عنها وعن أختيّ اللتين تعلمتا القيادة واستخرجتا رخصًا تسمح لهن بالتحرك ببطء في شوارع العاصمة. أفكر في سيارة أمي الذهبية، سوزي، التي انضمت إلى عائلتنا قبل بلوغ أيٍّ منا سن استخراج رخصة قيادة. لقد حملتنا كثيرًا معًا نحن الأربعة، ولكن هذا لا يعني أننا نتشارك نفس الآراء عن “وضعنا” في الحياة، كنساء قبل أي شيء. الآن، تقود أختي الصغيرة “سوزي”، وأجلس بجانبها وأشعر بأنني صغيرة وأنها أشجع مني لأنها تحارب في شوارع العاصمة، وأذكّر نفسي بأنها لم تعد صغيرة و لم تعد مسؤولة مني، وأن خياراتها في الحياة ليست من شأني ولا تقلل من نسوية إحدانا.
ربما هنا تكمن أهمية السيارات، لأنها تذكرنا أنه كيفما نفهم النسوية ونفسرها – أو نرفضها – فنسوية واحدة منا ليست أصح من نسوية أخريات. أليس هذا ما نحاول فعله دومًا؟ ألا نقرر أن نسوية واحدة مننا لا ترقى لأن تُسمّى بنسوية لأن أفعالها لا تتماشى مع كل ما عملنا وحاربنا من أجله وكل ما نراه نسوي، لكونها مختلفة عن كل ما قرأناه، عن كل ما شعرناه ولا نزال نشعر به تجاه حيواتنا كنساء؟
مرة من المرات الأخيرة التي جلست بجانب أمي في سيارتها، تشاجرنا وقررت ألا تتحدث معي لمدة لا أذكرها تحديدًا وكان محور الشجار هارفي واينستاين، وتحدثنا بالتحديد – أو تشاجرنا – عن مدى استطاعتنا لوم تلك النساء اللواتي قررن التحدث في العلن عن تحرشه بهن عبر السنين. نعرف جميعًا كيف سار ذلك الشجار، فنحن ننام ونفيق في حوار مشابه، حول امرأة ما، ورجل، أو رجال ونساء وامرأة وامرأة لنعيد التفكير فيما هو العنف الجنسي ومن أين يأتي، أو أن يتساءل مجتمع بأكمله، لماذا؟
لماذا سمحت له؟ لماذا تواجدت هناك؟ لماذا ترتدي هذا؟ لماذا تشرب ذاك؟ لماذا تمارس الجنس؟ لماذا قررت الكلام الآن؟ لماذا تشير بأصابع الاتهام؟ لماذا لم تتكلم في وقت سابق؟ لماذا لم تحرر محضرًا؟ لماذا لم تخرج من هذا الموقف؟ ولماذا نصدقها؟ لماذا نلومه؟ لماذا نتعاطف؟ لماذا لا نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقة؟
لماذا حقًا لا نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية؟
قضيت سنوات لا أجمع بين الكلمتين، “عنف” و”أسري”، فإما لم أستخدم أي مسمى، أو بعد سنوات استخدمت البديل الإنجليزي المريح في بساطته. عندما أتحدث عن العنف الأسري مع صديقتي التي تعمل في مؤسسة في كاليفورنيا لمساعدة النساء، أتحدث عن مواقف قديمة بكل أريحية، كأني أحكي عن حدث يومي عادي. ينتهي الحديث بيننا وحينها أرتبك لما يجلبه هذا الحديث من مشاعر، عندما نستحضر كل تلك الحكايات العادية/غير العادية/المسكوت عنها/التي أتكلم عنها دومًا/التي أشعر أنها تحدد فروقاتٍ كثيرة بيني وبين أمي وأختيّ. لا أتكلم عنها لأشعر بأني ضحية، حتى وإن فعلت ذلك كثيرًا من قبل، لكنني أتكلم عنها لأنها جزءٌ مما أنا عليه الآن ولأنني أحاول كثيرًا تسمية الأشياء بأسمائها حتى إن خِفت من وقع الكلمات. الآن، كثيرًا ما أسميه بما هو، باسمه الحقيقي، عنفٌ أسري، وأنا أعي تمامًا أننا أحيانًا نتفادى الأسماء الحقيقية لأنها غريبة ولأنها تُجرّد ما حدث من كل ما هو شخصي وأحيانًا أخرى لأن تلك الأسماء الحقيقية تؤلم حتى في خلقها لساتر لغوي يحمينا من هول الذكرى.
أكتب هذا وأفكر في أمي و هي تقرؤه وتشعر بأني خذلتها للمرة الألف، وبأني أحرجتها وجرّست عائلتنا بهذا النص الذي لا أعرف إذا كانت ستقرؤه أيٌّ من صديقاتها، أو أولاد عمها أو أولادهم.
يصاحب النسوية شعورٌ دائم بالخجل، بالأسف على ما سنقوله، وما سنحكيه، وشعورٌ دائمٌ بالتردد. هل أبالغ؟ وهل يتحتّم عليّ التحقق من نية شخص قبل إقدامه على فعل ما أيًا كان هذا الفعل؟ أيجب عليّ مسامحة أبي؟ كل مرة حاولت الكتابة أو التحدث عما حدث لا أعرف إذا ما كان لي الحق في التحدث عن أشياء لا تعنيني وحدي، بل تعنينا كلنا، أنا وأمي وأختي الكبيرة وأختنا الأصغر، ذلك الثالوث الذي أتصارع معه دائمًا ويبقى ثلاثتهم أهم شيء في حياتي، أهم دروسي في النسوية، بالإضافة إلى جدتي بالطبع. أقول أشياءً كهذه؛ مسامحة أبي، وأنا أرغب في التعليل بأن أقول أنه ليس سيئًا كما تظنون، وأننا احتضنا بعضنا البعض في آخر لقاء وأنني شعرت بأنه يحبني، وأنني أخاف أن أعترف لنفسي بأنني أحبه. أخاف من أن يراني أحدٌ كما تراني أمي بعد الخناقات: أنني أخلق من الحبة قبة.
تأتي النسوية محملة بعبء كل الأعذار التي ابتدعناها لنتعامل مع الحدود المفروضة علينا؛ فنحن نكبر كثيرًا ونمر بالكثير لنفهم أن النسوية ما هي إلا تحرر من كل سلاسل الأعذار والـ”لكن” والـ”يمكن”. تأتي النسوية بكل تلك المشاعر لأننا حتى عندما نجد مسمّى ما يشرح لنا كل ما نشعر به كنساء، نصطدم بكل ما حُمّلت به هذه الكلمة من مشاعر مصاحبة سابقة، مشاعرنا ومشاعر غيرنا من النساء، فنشعر أن كلمة واحدة فكّت شفرات الجسد وكل ما نشعر به، ولكننا نقع تحت وطأة كل ما حملته تلك الكلمة. فمرة بعد مرة، نفهم أن التشكيك فينا وفي كل ما نشعر به وتكنيك إشعارنا بأننا نتوهم الأشياء ما هي إلا ممارسات ممتدة لكل ما تصارعنا معه قبل التعرف على كلمة واحدة تشرح ما نمر به كل لحظة من كل يوم.
أفكر دائمًا أن شعور الخجل الذي يصاحب النسوية يشابه الشعور بالخجل لحظة وقوفي على حافة حمام السباحة بالمايوه وأنا أفكر في جسدي وكم هو لائق ولأي درجة هو مشدود، وكيف “تفحّشت لظاليظه” وزادت الأشبار التي تغطي المساحة بين أردافي.
ولكني أكبر، وأتعلم أنها كلها أشياء لا تعني الكثير، “اللظاليظ” جميلة لأنها تحميني عندنا أتعثر وتقلل من ألم الصدمات.
أكبرُ وأفهم أن النسوية التي أحميها بكل ما وعيت لأنها تحميني من كل شيء شعرت في يوم ما أنه يقلل من كوني أنا، ما هي إلا نبتة نمت من بذرة عادة ما تكون النساء الأوائل في حياتنا، هم الفلاحات المسؤولات عن غرسها في الأرض، وأنه عادة، لا يكون فعل الزراعة هذا ممنهجًا ومقصودًا، كأن تجدي فردة الشراب المختفية وأنتِ تبحثين عن السوتيان. أو شيء من هذا القبيل.
أتعثر في مرة من مرات خروجي من غرفتي لأعود لأكتب هذا النص، أنظر لأرى ما هو الذي تعثرت به وأعرفه، وأعرف أيضًا أنني لا أتعثر فقط لاصطدامي بشيء ما خلال اتخاذي لطريق معين، إنما هي نتيجة متوقعة لتاريخ طويل من التعثر والوقوع والاصطدام منذ الطفولة، تمامًا مثلما نتعثر بالنسوية؛ هناك اللحظة التي نذكرها، واللحظة التي نشاهد وعينا وهو يتبلور لنفهم شيئًا ما فيها، وهناك كلّ التاريخ الذي سبق لحظة الـ”آه!” هذه، والذي نقضي أيامًا وأسابيعًا وشهورًا وسنوات بعدها لنفهمه، هذا التاريخ الذي نحمله بثقلٍ حميم وتَعَوُد وأريحية كاذبة.
أحاول أحيانًا العثور على تلك اللحظة. لا أذكرها، لا أذكر لحظة بعينها، كما لا أذكر اللحظة التي تعلمت فيها الطفو على الماء والسباحة بشكل جيد. علّمتني جدتي السباحة وساعدتها خالتي مديحة في تحسين حركة يديّ في الماء، وأتت بعدها أختي الصغيرة لتحّسن من حركة جسدي في حمام السباحة لأتقن حركة ذراعي ورجلي. تلك لحظاتٌ أذكرها.
أشعر أن السباحة تأتي لي بسهولة، بسلاسة، وأعرف أن هكذا النسوية، فهي أتت لي بسلاسة وعرفتها بداخلي لا أعلم كيف، لكنني أعرف أنني لا أستطيع فصل تلك العلاقات بالأشياء عن النساء اللواتي شكلن وعيي وأنا أكبر، وأنني أسبح لأن جدتي كانت تسبح وتعلم السباحة، وأنني كبرت وعرفت النسوية لأنها فسّرت لي ردود أفعالي تجاه حيوات أمي، خالاتي، جدتي، أنا وأخواتي، وحتى صديقات وجارات أمي.
لكن ماما كانت مقتنعة في وقتٍ ما أن النسوية أتت لي عن طريق الدراسة، وأنها محض كلام كتب وتأثير أخريات حولي. وتقول تيتا ردًا على هذا، أن نسويتي تأتي من المنزل، فأحب هذه الجملة وأعيد تفسيرها لنفسي لاحقًا كلما شعرت أنني أبالغ في ما رغبت فيه، في ما غضبت منه وفي ما فعلته حيال ذلك الغضب.
فبعد التعثر، تدخل النسوية منزلها ونبدأ في فهم الأشياء.
أكتب هذا النص من غرفة أستطيع القول أنني صنعتها وحدي، أشعر بالفخر حيالها وحيال منزلي كله. يرى البعض أنني مهووسة ببيتي، ويرى آخرون أنني نجحت في خلق مساحة دافئة وآمنة لنفسي. وأعلم جيدًا أن كان لهذه الغرفة ثمنٌ باهظٌ دفعته، ولكنه ثمنٌ يستحق ما يُدفع من أجله؛ ففي هذه الغرفة، فهمت كيف كانت أمي – التي خفت لسنوات طويلة أن أصبح مثلها، أي أن آخد نفس قراراتها – أكثر النساء تأثيرًا في حياتي، وأنها هي التي غرست النسوية بداخلي حتى وإن تشاجرنا الآن بسبب اختلافنا حول مدى حرية نساء أخريات في التعامل مع أجسادهن. وأعلم أن هذه الغرفة – التي كلفتني حزنًا كبيرًا أحاول كثيرًا أن أمحوه من هذا البحر الذي نما بيني وبين ماما على مدار السنوات – هي المكان الذي تنحّى فيه الغضب واستطعت أن أفهم أن تعثري بالنسوية يأتي من أول بيت، وأن النسوية وجدت مكانًا في بيتي ليس فقط بسبب غضبي حيال خيارات أمي، وإنما من كل الأشياء الأخرى التي فعلتها وهي تعلمنا كيف نكون بناتًا ثم نساءً يعتمدن على أنفسهن قبل أي شيء لأنه الدرس الذي علمتها إياه الحياة. أشياءٌ كلها تبدو صغيرة أمام الغضب الذي أنذرتني أمي أنني حتى لو “مشيت” لأعيش وحدي سيبقى معي، لأنني لا أرغب حقيقة في التخلي عنه.
كل تفاصيل أمي تعود لي عندما أحاول فهم غضبي وفهم دروسي الأولى في النسوية، تفصيلة مثل أنها كانت لسنوات تجاوبني على سؤال طفلة صغيرة تلعب بشعر أمها الناعم الأسود الذي لا يشبه شعرها الملولو الفاتح حتى أتممت العشرين عامًا: “ماما، بتحبيني؟” فتجاوبني وتقول مرة “آه طبعًا بحبِك”، ومرة أخرى “بحبِك جدًا” دون أن تقلل من القلق الذي أشعر به حتى الآن، وأتساءل لو أن هذا القلق أنها قد لا تكون تحبني ما يزال معي بسبب هذه الكلمة الكبيرة المبهمة “النسوية”، وبسبب الاختلاف الذي تخلقه بيننا.
هل للنسوية إرثٌ نحتمله حتى ونحن نرفضها؟
سبحت مع نساء عائلتي مراتٍ لا أستطيع تذكرها. ننزل حمام السباحة ونسبح، رايح جاي، رايح جاي، نتحدث بين الجايات والرايحات قليلًا، نقف لنعدل البونية، نتناقش في متى نخرج من البيسين لنستحم، ونتسأل عن الساعة لنعرف إذا ما اقترب يوم السيدات من نهايته. وفي يوم ما، في واحدة من الجايات، تتسأل أختي الكبيرة إذا كانت تعاسة النساء إرثًا تحمله بناتهن، فيكون مكتوبًا علينا حيوات فيها كلّ ما احتوته حيوات أمهاتنا من قسوة. هل هذا جزءٌ من الإرث الذي يقع على أكتافنا في سلالات أمهاتنا وجداتنا؟ وهل لنا حق الرفض؟
أفهم غضب أمي من هذه الكلمة، هذه الكلمة التي حملت كل تعقيدات علاقتي معها واختلافي عنها. هذه الكلمة هي التي تفسر هذا الشعور بالرفض، شعوري بالرفض منها لأننا نختلف، شعوري بأنني أرفض أن أقبل بما قبلت هي به، وشعورها هي برفضي لها؛ لخيارتها، لحياتها، لرأيها، لنصيحتها بأن النزول من على الأرصفة والخروج إلى الشارع فيه خطر على الأرواح والأفئدة. النسوية حِمْلٌ لا نختاره، ربما حاولنا تغيير مكانه من حملٍ على ظهورنا ليصبح كومةً من الغسيل المتّسخ نحتضنها بين يدينا، فيكون علينا التعامل معها وتقبّل رائحتها.
تسبح كل نساء عائلتي بجدارة وسهولة في الماء، في البيسين وفي البحر، ويعلّمن بعضهن البعض، ويطفين على السطح وقتما احتاج الأمر، ويصلن لنقطة الراحة دائمًا بهدوء ودون معاناة. يصلن ليلتقطن أنفاسهن ولترتاح أجسادهن، فالسباحة هي الرياضة الوحيدة التي تأخذ حمل الجسد من على عظامه: تخف معها قلوبنا، وتتبخر همومنا في الشمس، ونتقبل اختيارات بعضنا البعض لأننا في الماء؛ نحن نسبح، وهذا ليس مكانًا للشجار حول مدى نسوية خيارات واحدةٍ منا.
أُريح ركبتّي المتعبتين من وزني الزائد في الماء، وأتساءل: ألهذا تعلمنا السباحة؟ وأعترف بيني وبين نفسي، أن ماما كانت على حق، عندما قالت أنني لا أرغب في التعامل مع غضبي، وأنني لا أريد أحدًا أن يقول لي أنني أخطأت. وهي على حق أيضًا حين تقول لي أن الولد الذي أحببته لم يُحبني أبدًا، وأنني أهرب من الحياة وخوفي منها بتبنّي الحيوانات. مُحقةٌ هي عندما تقول أنني درامية، وأشياء كثيرة أخرى، أهمّها أنه من الحظ الجيد جدًا إننا بنعرف نعوم.